تفسير الآيتين الكريمتين
-التفسير الميسر-
-التفسير الميسر-
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتعدَّوا حدود الله ومعالمه، ولا تستحِلُّوا القتال في الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وكان ذلك في صدر الإسلام، ولا تستحِلُّوا حرمة الهَدْي، ولا ما قُلِّدَ منه؛ إذ كانوا يضعون القلائد، وهي ضفائر من صوف أو وَبَر في الرقاب علامةً على أن البهيمة هَدْيٌ وأن الرجل يريد الحج، ولا تَسْتَحِلُّوا قتال قاصدي البيت الحرام الذين يبتغون من فضل الله ما يصلح معايشهم ويرضي ربهم. وإذا حللتم من إحرامكم حلَّ لكم الصيد، ولا يحمِلَنَّكم بُغْض قوم من أجل أن منعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام -كما حدث عام "الحديبية"- على ترك العدل فيهم. وتعاونوا -أيها المؤمنون فيما بينكم- على فِعْل الخير، وتقوى الله، ولا تعاونوا على ما فيه إثم ومعصية وتجاوز لحدود الله، واحذروا مخالفة أمر الله فإنه شديد العقاب
تفسير الآية الكريمة
- التفسير الميسر -
- التفسير الميسر -
تفسير الآية الكريمة
- التفسير الميسر -
- التفسير الميسر -
تفسير الآية الكريمة
- التفسير الميسر -
- التفسير الميسر -
واذكروا نعمة الله عليكم فيما شَرَعه لكم، واذكروا عهده الذي أخذه تعالى عليكم من الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والسمع والطاعة لهما، واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه.إن الله عليمٌ بما تُسِرُّونه في نفوسكم
وجوب القيام بحق الله تعالى على العبد وهو ذكره وشكره بطاعته،ووجوب العدل في الحكم والقول والشهادة والفعل ومع الولي والعدو سواء،وتأكيد الأمر بتقوى الله عز وجل
وعد الله الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ذنوبهم، وأن يثيبهم على ذلك الجنة، والله لا يخلف وعده.والذين جحدوا وحدانية الله الدالة على الحق المبين، وكذَّبوا بأدلته التي جاءت بها الرسل، هم أهل النار الملازمون لها
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اذكروا ما أنعم الله به عليكم من نعمة الأمنِ، وإلقاءِ الرعب في قلوب أعدائكم الذين أرادوا أن يبطشوا بكم، فصرفهم الله عنكم، وحال بينهم وبين ما أرادوه بكم، واتقوا الله واحذروه، وتوكلوا على الله وحده في أموركم الدينية والدنيوية، وثِقوا بعونه ونصره
فبسبب نقض هؤلاء اليهود لعهودهم المؤكَّدة طردناهم من رحمتنا، وجعلنا قلوبهم غليظة لا تلين للإيمان، يبدلون كلام الله الذي أنزله على موسى، وهو التوراة، وتركوا نصيبًا مما ذُكِّروا به، فلم يعملوا به. ولا تزال -أيها الرسول- تجد من اليهود خيانةً وغَدرًا، فهم على منهاج أسلافهم إلا قليلا منهم، فاعف عن سوء معاملتهم لك، واصفح عنهم، فإن الله يحب مَن أحسن العفو والصفح إلى من أساء إليه
وأخذنا على الذين ادَّعوا أنهم أتباع المسيح عيسى -وليسوا كذلك- العهد المؤكد الذي أخذناه على بني إسرائيل: بأن يُتابعوا رسولهم وينصروه ويؤازروه، فبدَّلوا دينهم، وتركوا نصيبًا مما ذكروا به، فلم يعملوا به، كما صنع اليهود، فألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يوم الحساب، وسيعاقبهم على صنيعهم
يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يبيِّن لكم كثيرًا مما كنتم تُخْفونه عن الناس مما في التوراة والإنجيل، ويترك بيان ما لا تقتضيه الحكمة.قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين وهو القرآن الكريم
يهدي الله بهذا القرآن من اتبع رضا الله تعالى، طرق الأمن والسلامة، ويخرجهم بإذنه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ويوفقهم إلى دينه القويم
لقد كفر النصارى القائلون بأن الله هو المسيح ابن مريم، قل -أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة من النصارى: لو كان المسيح إلهًا كما يدَّعون لقَدرَ أن يدفع قضاء الله إذا جاءه بإهلاكه وإهلاك أُمِّه ومَن في الأرض جميعًا، وقد ماتت أم عيسى فلم يدفع عنها الموت، كذلك لا يستطيع أن يدفع عن نفسه؛ لأنهما عبدان من عباد الله لا يقدران على دفع الهلاك عنهما، فهذا دليلٌ على أنه بشر كسائر بني آدم. وجميع الموجودات في السماوات والأرض ملك لله، يخلق ما يشاء ويوجده، وهو على كل شيء قدير. فحقيقة التوحيد توجب تفرُّد الله تعالى بصفات الربوبية والألوهية، فلا يشاركه أحد من خلقه في ذلك، وكثيرًا ما يقع الناس في الشرك والضلال بغلوهم في الأنبياء والصالحين، كما غلا النصارى في المسيح، فالكون كله لله، والخلق بيده وحده، وما يظهر من خوارق وآيات مَرَدُّه إلى الله. يخلق سبحانه ما يشاء، ويفعل ما يريد
وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل لهم -أيها الرسول-: فَلأيِّ شيء يعذِّبكم بذنوبكم؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم، فالله لا يحب إلا من أطاعه، وقل لهم: بل أنتم خلقٌ مثلُ سائر بني آدم، إن أحسنتُم جوزيتم بإحسانكم خيرا، وإن أسَأْتُم جوزيتم بإساءتكم شرًّا، فالله يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وهو مالك الملك، يُصَرِّفه كما يشاء، وإليه المرجع، فيحكم بين عباده، ويجازي كلا بما يستحق
قطع عذر أهل الكتاب بإرسال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل
واذكر -أيها الرسول- إذ قال موسى عليه السلام لقومه يا بني إسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم، إذ جعل فيكم أنبياء، وجعلكم ملوكًا تملكون أمركم بعد أن كنتم مملوكين لفرعون وقومه، وقد منحكم من نعمه صنوفًا لم يمنحها أحدًا من عالَمي زمانكم
بيان جبن اليهود، وسوء أدبهم مع ربهم وأنبيائهم
وجوب البراءة من أهل الفسق ببغض عملهم وتركهم لنقمة الله تعالى تنزل بهم
لما دعا عليهم موسى - عليه السلام- حين نكلوا عن الجهاد حكم الله بتحريم دخولها عليهم[أي الأرض المقدسة وهي بيت المقدس ] قدر مدة أربعين سنة فوقعوا في التيه يسيرون دائما لا يهتدون للخروج منه
واقصص -أيها الرسول- على بني إسرائيل خَبَر ابنَيْ آدم قابيل وهابيل، وهو خبرٌ حقٌ: حين قَدَّم كلٌّ منهما قربانًا -وهو ما يُتَقرَّب به إلى الله تعالى - فتقبَّل الله قُربان هابيل؛ لأنه كان تقيًّا، ولم يتقبَّل قُربان قابيل؛ لأنه لم يكن تقيًّا، فحسد قابيلُ أخاه، وقال: لأقتلنَّك، فَردَّ هابيل: إنما يتقبل الله ممن يخشونه
بسبب جناية القتل هذه - قتل قابيل لهابيل- شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد، الموجب للقتل كالشرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله، وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا؛ فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم، وأداء ما فُرِضَ عليهم، ثم إن كثيرًا منهم بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره
بسبب جناية القتل هذه - قتل قابيل لهابيل- شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد، الموجب للقتل كالشرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله، وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا؛ فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم، وأداء ما فُرِضَ عليهم، ثم إن كثيرًا منهم بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، خافوا الله، وتَقَرَّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه، وجاهدوا في سبيله؛ كي تفوزوا بجناته
إن الذين جحدوا وحدانية الله، وشريعته، لو أنهم ملكوا جميع ما في الأرض، وملكوا مثله معه، وأرادوا أن يفتدوا أنفسهم يوم القيامة من عذاب الله بما ملكوا، ما تَقبَّل الله ذلك منهم، ولهم عذاب مُوجع
والسارق والسارقة فاقطعوا -يا ولاة الأمر-أيديهما بمقتضى الشرع،مجازاة لهما على أَخْذهما أموال الناس بغير حق،وعقوبةً يمنع الله بها غيرهما أن يصنع مثل صنيعهما.والله عزيز في ملكه،حكيم في أمره ونهيه.فمن تاب مِن بعد سرقته وأصلح في كل أعماله فإن الله يقبل توبته.إن الله غفور لعباده،رحيم بهم
ألم تعلم-أيها الرسول-أن الله خالق الكون ومُدبِّره ومالكه،وأنه تعالى الفعَّال لما يريد، يعذب من يشاء، ويغفر لمن يشاء، وهو على كل شيء
يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك من المنافقين الذين أظهروا الإسلام وقلوبهم خالية منه، فإني ناصرك عليهم. ولا يحزنك تسرُّع اليهود إلى إنكار نبوتك، فإنهم قوم يستمعون للكذب، ويقبلون ما يَفْتَريه أحبارُهم، ويستجيبون لقوم آخرين لا يحضرون مجلسك، وهؤلاء الآخرون يُبَدِّلون كلام الله من بعد ما عَقَلوه، ويقولون: إن جاءكم من محمد ما يوافق الذي بدَّلناه وحرَّفناه من أحكام التوراة فاعملوا به، وإن جاءكم منه ما يخالفه فاحذروا قبوله، والعمل به. ومن يشأ الله ضلالته فلن تستطيع -أيها الرسول- دَفْعَ ذلك عنه، ولا تقدر على هدايته. وإنَّ هؤلاء المنافقين واليهود لم يُرِدِ الله أن يطهِّر قلوبهم من دنس الكفر، لهم الذلُّ والفضيحة في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظي
هؤلاء اليهود يجمعون بين استماع الكذب وأكل الحرام، فإن جاؤوك يتحاكمون إليك فاقض بينهم، أو اتركهم، فإن لم تحكم بينهم فلن يقدروا على أن يضروك بشيء، وإن حكمت فاحكم بينهم بالعدل. إن الله يحب العادلين
إنَّ صنيع هؤلاء اليهود عجيب، فهم يحتكمون إليك -أيها الرسول- وهم لا يؤمنون بك، ولا بكتابك، مع أن التوراة التي يؤمنون بها عندهم، فيها حكم الله، ثم يتولَّون مِن بعد حكمك إذا لم يُرضهم، فجمعوا بين الكفر بشرعهم، والإعراض عن حكمك، وليس أولئك المتصفون بتلك الصفات، بالمؤمنين بالله وبك وبما تحكم به
إنا أنزلنا التوراة فيها إرشاد من الضلالة، وبيان للأحكام، وقد حكم بها النبيُّون -الذين انقادوا لحكم الله، وأقروا به- بين اليهود، ولم يخرجوا عن حكمها ولم يُحَرِّفوها، وحكم بها عُبَّاد اليهود وفقهاؤهم الذين يربُّون الناس بشرع الله؛ ذلك أن أنبياءهم قد استأمنوهم على تبليغ التوراة، وفِقْه كتاب الله والعمل به، وكان الربانيون والأحبار شهداء على أن أنبياءهم قد قضوا في اليهود بكتاب الله. ويقول تعالى لعلماء اليهود وأحبارهم: فلا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي؛ فإنهم لا يقدرون على نفعكم ولا ضَرِّكم، ولكن اخشوني فإني أنا النافع الضار، ولا تأخذوا بترك الحكم بما أنزلتُ عوضًا حقيرًا. الحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، فالذين يبدلون حكم الله الذي أنزله في كتابه، فيكتمونه ويجحدونه ويحكمون بغيره معتقدين حله وجوازه فأولئك هم الكافرون
وفَرَضنا عليهم في التوراة أن النفس تُقْتَل بالنفس، والعين تُفْقَأ بالعين، والأنف يُجْدَع بالأنف، والأذُن تُقْطع بالأذُن، والسنَّ تُقْلَعُ بالسنِّ، وأنَّه يُقْتَصُّ في الجروح، فمن تجاوز عن حقه في الاقتصاص من المُعتدي فذلك تكفير لبعض ذنوب المعتدى عليه وإزالةٌ لها. ومن لم يحكم بما أنزل الله في القصاص وغيره، فأولئك هم المتجاوزون حدود الله
وأتبعنا أنبياء بني إسرائيل عيسى ابن مريم مؤمنًا بما في التوراة، عاملا بما فيها مما لم ينسخه كتابه، وأنزلنا إليه الإنجيل هاديا إلى الحق، ومبيِّنًا لما جهله الناس مِن حكم الله، وشاهدًا على صدق التوراة بما اشتمل عليه من أحكامها، وقد جعلناه بيانًا للذين يخافون الله وزاجرًا لهم عن ارتكاب المحرَّمات
أي ليؤمنوا بجميع ما فيه وليقيموا ما أمروا به فيه ومما فيه البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم والأمر باتباعه وتصديقه
وجوب الحكم وفي كل القضايا بالكتاب والسنة، لا يجوز تحكيم أية شريعة أو قانون غير الوحي الإِلهي الكتاب والسنة،والتحذير من اتباع أهواء الناس خشية الإِضلال عن الحق،وبيان الحكمة من اختلاف الشرائع وهو الابتلاء
واحكم -أيها الرسول- بين اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن، ولا تتبع أهواء الذين يحتكمون إليك، واحذرهم أن يصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك فتترك العمل به، فإن أعرض هؤلاء عمَّا تحكم به فاعلم أن الله يريد أن يصرفهم عن الهدى بسبب ذنوبٍ اكتسبوها من قبل. وإن كثيرًا من الناس لَخارجون عن طاعة ربهم
أيريد هؤلاء اليهود أن تحكم بينهم بما تعارف عليه المشركون عبدةُ الأوثان من الضلالات والجهالات؟! لا يكون ذلك ولا يليق أبدًا ومَن أعدل مِن الله في حكمه لمن عقل عن الله شَرْعه، وآمن به، وأيقن أن حكم الله هو الحق؟
حرمة موالاة اليهود والنصارى وسائر الكافرين،وموالاة الكافر على المؤمن تعتبر ردة عن الإسلام
يخبر الله تعالى عن جماعة من المنافقين أنهم كانوا يبادرون في موادة اليهود لما في قلوبهم من الشكِّ والنفاق، ويقولون: إنما نوادُّهم خشية أن يظفروا بالمسلمين فيصيبونا معهم، قال الله تعالى ذكره: فعسى الله أن يأتي بالفتح -أي فتح "مكة"- وينصر نَبِيَّه، ويُظْهِر الإسلام والمسلمين على الكفار، أو يُهيِّئ من الأمور ما تذهب به قوةُ اليهود والنَّصارى، فيخضعوا للمسلمين، فحينئذٍ يندم المنافقون على ما أضمروا في أنفسهم من موالاتهم
وحينئذ يقول بعض المؤمنين لبعض مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذا كُشِف أمرهم-أهؤلاء الذين أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا؟!بطلت أعمال المنافقين التي عملوها في الدنيا،فلا ثواب لهم عليها؛لأنهم عملوها على غير إيمان،فخسروا الدنيا والآخرة
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من يرجع منكم عن دينه، ويستبدل به اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك، فلن يضرُّوا الله شيئًا، وسوف يأتي الله بقوم خير منهم يُحِبُّهم ويحبونه، رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين، يجاهدون أعداء الله، ولا يخافون في ذات الله أحدًا. ذلك الإنعام مِن فضل الله يؤتيه من أراد، والله واسع الفضل، عليم بمن يستحقه من عباده
إنما ناصركم -أيُّها المؤمنون- الله ورسوله، والمؤمنون الذين يحافظون على الصلاة المفروضة، ويؤدون الزكاة عن رضا نفس، وهم خاضعون لله
ولاية الله ورسوله والمؤمنين الصادقين توجب لصاحبها النصر والغلبة على أعدائه
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا الذين يستهزئون ويتلاعبون بدينكم من أهل الكتاب والكفارَ أولياءَ، وخافوا الله إن كنتم مؤمنين به وبشرعه
وإذا أذَّن مؤذنكم -أيها المؤمنون- بالصلاة سخر اليهود والنصارى والمشركون واستهزؤوا من دعوتكم إليها؛ وذلك بسبب جهلهم بربهم، وأنهم لا يعقلون حقيقة العبادة
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المستهزئين من أهل الكتاب ما تَجِدُونه مطعنًا أو عيبًا هو محمدة لنا من إيماننا بالله وكتبه المنزلة علينا، وعلى من كان قبلنا، وإيماننا بأن أكثركم خارجون عن الطريق المستقيم
قل -أيها النبي- للمؤمنين: هل أخبركم بمن يُجازَى يوم القيامة جزاءً أشدَّ مِن جزاء هؤلاء الفاسقين؟ إنهم أسلافهم الذين طردهم الله من رحمته وغَضِب عليهم، ومَسَخَ خَلْقهم، فجعل منهم القردة والخنازير، بعصيانهم وافترائهم وتكبرهم، كما كان منهم عُبَّاد الطاغوت (وهو كل ما عُبِد من دون الله وهو راضٍ)، لقد ساء مكانهم في الآخرة، وضلَّ سَعْيُهم في الدنيا عن الطريق الصحيح
وإذا جاءكم -أيها المؤمنون- منافقو اليهود، قالوا آمنَّا، وهم مقيمون على كفرهم، قد دخلوا عليكم بكفرهم الذي يعتقدونه بقلوبهم، ثم خرجوا وهم مصرُّون عليه، والله أعلم بسرائرهم، وإن أظهروا خلاف ذلك
وترى -أيها الرسول- كثيرًا من اليهود يبادرون إلى المعاصي من قول الكذب والزور، والاعتداء على أحكام الله، وأكْل أموال الناس بالباطل، لقد ساء عملهم واعتداؤهم
قبح سكوت العلماء على المنكر وإغضائهم على فاعليه، ولذا قال كثير من السلف في هذه الآية أشد آية وأخطرها على العلماء
يُطلع الله نَبِيَّه على شيء من مآثم اليهود -وكان مما يُسرُّونه فيما بينهم- أنهم قالوا: يد الله محبوسة عن فعل الخيرات، بَخِلَ علينا بالرزق والتوسعة، وذلك حين لحقهم جَدْب وقحط. غُلَّتْ أيديهم، أي: حبست أيديهم هم عن فِعْلِ الخيرات، وطردهم الله من رحمته بسبب قولهم. وليس الأمر كما يفترونه على ربهم، بل يداه مبسوطتان لا حَجْرَ عليه، ولا مانع يمنعه من الإنفاق، فإنه الجواد الكريم، ينفق على مقتضى الحكمة وما فيه مصلحة العباد. وفي الآية إثبات لصفة اليدين لله سبحانه وتعالى كما يليق به من غير تشبيه ولا تكييف. لكنهم سوف يزدادون طغيانًا وكفرًا بسبب حقدهم وحسدهم؛ لأن الله قد اصطفاك بالرسالة. ويخبر تعالى أن طوائف اليهود سيظلون إلى يوم القيامة يعادي بعضهم بعضًا، وينفر بعضهم من بعض، كلما تآمروا على الكيد للمسلمين بإثارة الفتن وإشعال نار الحرب ردَّ الله كيدهم، وفرَّق شملهم، ولا يزال اليهود يعملون بمعاصي الله مما ينشأ عنها الفساد والاضطراب في الأرض. والله تعالى لا يحب المفسدين
ولو أن اليهود والنصارى صدَّقوا الله ورسوله، وامتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه، لكفَّرنا عنهم ذنوبهم، ولأدخلناهم جنات النعيم في الدار الآخرة
ولو أنَّهم عملوا بما في التوراة والإنجيل،وبما أُنْزِل عليك أيها الرسول-وهو القرآن الكريم-لرُزِقوا من كلِّ سبيلٍ،فأنزلنا عليهم المطر،وأنبتنا لهم الثمر، وهذا جزاء الدنيا.وإنَّ مِن أهل الكتاب فريقًا معتدلا ثابتًا على الحق،وكثير منهم ساء عملُه،وضل عن سواء السبيل
وجوب البلاغ على الرسل ونهوض رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الواجب على أكمل وجه وأتمه، وعصمة الرسول المطلقة
قل -أيها الرسول- لليهود والنصارى: إنكم لستم على حظٍّ من الدين ما دمتم لم تعملوا بما في التوراة والإنجيل، وما جاءكم به محمد من القرآن، وإن كثيرًا من أهل الكتاب لا يزيدهم إنزالُ القرآن إليك إلا تجبُّرًا وجحودًا، فهم يحسدونك؛ لأن الله بعثك بهذه الرسالة الخاتمة، التي بَيَّن فيها معايبهم، فلا تحزن -أيها الرسول- على تكذيبهم لك
إن الذين آمنوا (وهم المسلمون) واليهود، والصابئين (وهم قوم باقون على فطرتهم، ولا دين مقرر لهم يتبعونه) والنصارى (وهم أتباع المسيح) من آمن منهم بالله الإيمان الكامل، وهو توحيد الله والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وآمن باليوم الآخر، وعمل العمل الصالح، فلا خوف عليهم من أهوال يوم القيامة، ولا هم يحزنون على ما تركوه وراءهم في الدنيا
لقد أخذنا العهد المؤكَّد على بني إسرائيل في التوراة بالسمع والطاعة، وأرسلنا إليهم بذلك رسلنا، فَنَقَضوا ما أُخذ عليهم من العهد، واتبعوا أهواءهم، وكانوا كلما جاءهم رسول من أولئك الرسل بما لا تشتهيه أنفسهم عادَوْه: فكذبوا فريقًا من الرسل، وقتلوا فريقًا آخر
وظنَّ هؤلاء العُصاة أن الله لن يأخذهم بالعذاب جزاء عصيانهم وعُتُوِّهم، فمضوا في شهواتهم، وعمُوا عن الهدى فلم يبصروه، وصَمُّوا عن سماع الحقِّ فلم ينتفعوا به، فأنزل الله بهم بأسه، فتابوا فتاب الله عليهم، ثم عَمِي كثيرٌ منهم، وصمُّوا، بعدما تبين لهم الحقُّ، والله بصير بأعمالهم خيرها وشرها وسيجازيهم عليها
-تقرير كفر النصارى بقولهم المسيح هو الله-
- تقرير عبودية عيسى عليه السلام لربه تعالى-
- تحريم الجنة على من لقي ربه وهو يشرك به سواه-
- إبطال التثليث في عقيدة النصارى وتقرير التوحيد-
- إبراء عيسى ووالدته عليهما السلام من دعوى الألوهية للناس-
- فتح باب التوبة في وجه النصارى لو أنهم يتوبون-
- تقرير عبودية عيسى عليه السلام لربه تعالى-
- تحريم الجنة على من لقي ربه وهو يشرك به سواه-
- إبطال التثليث في عقيدة النصارى وتقرير التوحيد-
- إبراء عيسى ووالدته عليهما السلام من دعوى الألوهية للناس-
- فتح باب التوبة في وجه النصارى لو أنهم يتوبون-
الله جل جلاله يغفر ذنوب التائبين، ولو بلغت عنان السماء، ويرحمهم بقبول توبتهم، وتبديل سيئاتهم حسنات
تقرير بشرية عيسى ومريم عليهما السلام بدليل احتياجهما إلى الطعام لقوام بنيتهما، ومن كان مفتقراً لا تصح ألوهيته عقلاً وشرعاً
ذم كل من يعبد غير الله إذ كل الخلائق مفتقرة لا تملك لنفسها ولا لعابدها ضراً ولا نفعاً، ولا تسمع دعاء من يدعوها، ولا تعلم عن حاله شيئاً، والله وحده السميع لأقوال كل عباده العليم بسائر أحوالهم وأعمالهم، فهو المعبود بحق وما عداه باطل
حرمة الغلو والابتداع في الدين، واتباع أهل الأهواء
العصيان والاعتداء ينتجان لصاحبهما الحرمان والخسران
حرمة السكوت عن المنكر ووخامة عاقبته على المجتمع
حرمة موالاة أهل الكفر والشر والفساد
موالاة أهل الكفر بالمودة والنصرة دون المؤمنين آية الكفر وعلامته في صاحبه
الخمر والميسر: الخمر: كل مسكر كيفما كانت مادته وقلّت أو كثرت، والميسر: القمار
والأنصاب: الأنصاب: جمع نصب. ما ينصب للتقرب به إلى الله أو التبرك به، أو لتعظيمة كتماثيل الرؤساء والزعماء في العهد الحديث
الأزلام: جمع زلم: وهي عيدان يستقسمون بها في الجاهلية لمعرفة الخير من الشر والربح من الخسارة، ومثلها قرعة الأنبياء، وخط الرمل، والحساب بالمسبحة
رجس: الرجس: المستقذر حساً كان أو معنى، إذ لمحرمات كلها خبيثة وإن لم تكن مستقذرة
من عمل الشيطان: أي مما يزيّنة للناس ويحببه إليهم ويرغبهم فيه ليضلهم
فاجتنبوه: اتركوه جانباً فلا تقبلوا عليه بقلوبكم وابتعدوا عنه بأبدانكم
تفلحون: تكملون وتسعدون في دنياكم وآخرتكم
والأنصاب: الأنصاب: جمع نصب. ما ينصب للتقرب به إلى الله أو التبرك به، أو لتعظيمة كتماثيل الرؤساء والزعماء في العهد الحديث
الأزلام: جمع زلم: وهي عيدان يستقسمون بها في الجاهلية لمعرفة الخير من الشر والربح من الخسارة، ومثلها قرعة الأنبياء، وخط الرمل، والحساب بالمسبحة
رجس: الرجس: المستقذر حساً كان أو معنى، إذ لمحرمات كلها خبيثة وإن لم تكن مستقذرة
من عمل الشيطان: أي مما يزيّنة للناس ويحببه إليهم ويرغبهم فيه ليضلهم
فاجتنبوه: اتركوه جانباً فلا تقبلوا عليه بقلوبكم وابتعدوا عنه بأبدانكم
تفلحون: تكملون وتسعدون في دنياكم وآخرتكم
اعلموا -أيها الناس- أن الله جل وعلا شديد العقاب لمن عصاه، وأن الله غفور رحيم لمن تاب وأناب
يبيِّن الله تعالى أن مهمة رسوله صلى الله عليه وسلم هداية الدلالة والتبليغ، وبيد الله -وحده- هداية التوفيق، وأن ما تنطوي عليه نفوس الناس مما يُسرون أو يعلنون من الهداية أو الضلال يعلمه الله
قل -أيها الرسول-: لا يستوي الخبيث والطيب من كل شيء، فالكافر لا يساوي المؤمن، والعاصي لا يساوي المطيع، والجاهل لا يساوي العالم، والمبتدع لا يساوي المتبع، والمال الحرام لا يساوي الحلال، ولو أعجبك -أيها الإنسان- كثرة الخبيث وعدد أهله. فاتقوا الله يا أصحاب العقول الراجحة باجتناب الخبائث، وفعل الطيبات؛ لتفلحوا بنيل المقصود الأعظم، وهو رضا الله تعالى والفوز بالجنة
توبيخ النصارى في عرصات القيامة على تأليه عيسى ووالدته عليهما السلام، وبراءة عيسى عليه السلام مِنْ مشركي النصارى وأهل الكتاب
فضيلة الصدق وأنه نافع في الدنيا والآخرة
لله وحده لا شريك له ملك السموات والأرض وما فيهن، وهو -سبحانه- على كل شيء قدير لا يعجزه شيء
تفسير الآيات (١١٦-١٢٠) من سورة المائدة
-التفسير الميسر-
-التفسير الميسر-